بقلم/ عبدالقادر علي الشبيبي النهدي الحضرمي ابو نزار
حضرموت ذلك البلد الطيب والمبارك وأبناءها الطيبون والذين تركوا بصماتهم
في شتى بقاع الأرض في جميع المجالات الثقافية والإسلامية والتاريخية ،
ولهم تاريخ متجذر منذ آلاف السنين . ولكن وللأسف الشديد قد عانوا الكثير من
طمس لهويتهم وتاريخهم منذ العام 1967م أبان حكم النظام الماركسي السابق
بقيادة ما تسمى الجبهة القومية والحزب الاشتراكي . فحضرموت لها هوية وطابع
خاص وثقافة خاصة وبها عادات وتقاليد عريقة وأعراف قبلية وأسرية تختلف
تماماً عن تلك المناطق سواء كانت جنوبية أم شمالية ، فهؤلاء اليمنيون
عبروا ثلاث أو أربع عقود يحاولون ويعملون ليل نهار لطمس هوية وتاريخ وثقافة
حضرموت وجعلها يمنية بامتياز ويحرفون التاريخ القديم والجديد برغم أن
حضرموت لم تكن في يوم من الأيام يمنية ، أو تنتمي لما يسمى بالجنوب اليمني
(العربي) او اليمن الشمالي إنما تم ضمها وإلحاقها بتلك المشيخات والإمارات
المتخلفة ومن ثم ضمها إلى اليمن حالياً باسم الوحدة ، وأبنائها لم تربطهم
أي علاقات أسرية او قبلية بتلك الأسر والقبائل اليمنية لكونهم ليسوا
بيمنيين ، وهناك فرق كبير وشاسع في الثقافة الحضرمية والثقافة اليمنية .
فهناك عملاً دؤؤوب وممنهج في محو كل ما يمت لحضرموت من ثقافة . وتاريخ .
وعادات . وتقاليد في جميع المجالات ومنها المجال الفني من الغناء والشعر
والزوامل والفني الحضرمي الأصيل ، فكثير من النشاطات والفعاليات الفنية
بدأت بالانقراض وغرس بدلاً منها من فنهم المستورد ففي فترة الحكم السابق
إبان حكم ما تسمى الجبهة القومية نشر الفن الهندي واليمني واللجي والصومالي
وغيرها وحالياً يكرس نفس الأسلوب في غرس الفن اليمني الدخيل على الثقافة
الحضرمية برغم أن فننا الحضرمي الأصيل غنياً جداً بكل المقاييس من تراث
وأصالة ، أما في تاريخ حضرموت وأصالتها ومآثر والبطولات التاريخية عبر مئات
السنين يحاولون طمسه وعدم ذكره ومحرم على كل حضرمي ذكره ، فأبناء حضرموت
قدموا الكثير من الملاحم التاريخية في الذود عن حضرموت والدفاع عنها من
الغزاة والطامعين عبر التاريخ وقدم أبنائها الكثير من التضحيات في سبيل
حماية أرضهم وترابه وهم يعرفون أن لحضرموت تاريخ متجذر وضارب في أعماق
التاريخ منذ ما يقارب الخمسة آلاف سنة قبل أن يذكر التاريخ بدولتهم
المستحدثة ما تسمى باليمن . فأبناء حضرموت يشعرون بالخوف والقلق الشديد على
بدء انقراض ثقافتهم وتاريخهم في جميع المجالات وفرض وغرس ثقافة جديدة
عليهم مثل الثقافة اليمنية والإفريقية وغيرها من الثقافات المستوردة وفرضها
من خلال السنوات والعقود التي مرت بها امتنا الحضرمية سواء إبان الحكم
السابق أو الحكم الحالي اليمنيان . فحضرموت لها تاريخٌ مشرق ومشرف في
مقاومة الغزاة عبر التاريخ والذين كانت لهم أطماع في حضرموت كالبرتغاليين
الذين حاولوا احتلالها من بوابة مدينة الشحر الباسلة ولم يستطيعوا بفضل
مقاومة واستبسال أجدادنا الحضارم والذين قاموا حتى دحر المحلتين
البرتغاليين وعدم تمكنهم من تنفيذ احتلالهم . برغم التضحيات والشهداء الذين
سقطوا في سبيل وطنهم حضرموت وأيضاً الانجليز وغيرهم ولا ننسى نحن الحضارم
ونذكر الأجيال بتلك الملحمة التاريخية وهي واقعة ومعارك بن عبدات والذي
تعمد الاحتلالين الجنوبي بعدم ذكرها نهائياً وطمسها في أي مناسبة وأيضاً
الاحتلال اليمني الشمالي يتجاهلها وكان من المفروض ان تدرس في مدارس حضرموت
لكي يعرفوا أجيالنا وأحفادنا ما قدموه أجدادهم من تضحيات في سبيل وطنهم
حضرموت وهي واقعة المناضل الشجاع (عبيد صالح بن عبدات الكثيري) ورفاقه
الذين قاموا الاحتلال الانجليزي في منطقة الوادي غرفة بن عبدات برغم من
امتلاكهم السلاح الخفيف والبدائي وكانت ملحمة تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة
شارك فيها سلاح الجو الملكي البريطاني وسلاح الدبابات والمشاة وهنالك علامة
تاريخية تذكر الأجيال بتلك المعارك وهي انقلاب إحدى دبابات الجيش
البريطاني في عقبة (المعدي) أثناء ضراوة المعارك ويسمى ذلك الموقع بحسر
الدبابة وصمدوا الأجداد في تلك المواقع مواقع الشرف والكرامة وذلك الرجل
(بن عبدات) ورفاقه يذكرني بالمناضل الشجاع الليبي عمر المختار الذي قاوم
الاحتلال الايطالي . أما في مجال نشر الدعوة الإسلامية في شتى بقاع الأرض
فأبناء حضرموت وعلمائها الأفاضل قد قدموا الكثير في سبيل نشر الدعوة
الإسلامية وإرساء مفاهيم وتعاليم الإسلام في عدة بلدان ومنها اندونيسيا
وماليزيا والصين وسنغافورة وفي جميع بلدان القارة الإفريقية من شرقها إلى
غربها والى جنوبها وللأسف الشديد هؤلاء المستعمرون يحاولون أن ينسبوا ذلك
الانجاز العظيم والمقدس لهم والى يمنيتهم ولكن لن يستطيعوا تحريف التاريخ
لكونه ببساطة لن يستطيع احد أن يحرف مجرى التاريخ ، وفي الختام نحب أن ننوه
للقارئ الكريم بأننا لن نطيل عليه في موضوع طمس الهوية لحضرموت وتاريخها
وثقافتها والحديث يطول عنها وان شاء الله وبإذن الله لن تطمس هوية حضرموت
وتاريخها والى اللقاء في الجزء الثاني من الهوية والاستيطان وهو مخصص
للاستيطان وشكراً ،،،
0 تعليقات